Syrian Arab Republic
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

إبراهيم بن مَدَان: الأزمة الأوكرانية والتعجيل بحرب نووية عالمية

إبراهيم بن مَدَان

المتتبع لما يجري في العالم في هذه اللحظات يدرك بما لا يدع مجالا للشك أن العالم يتجه نحو حرب نووية بين روسيا من جهة وأمريكا وحلف النيتو من جهة أخرى. ففي قرار غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعلن التعبئة الجزئية ويحضر قرابة 300 ألف جندي احتياطي ما يدل أن بوتين نقل الحرب بأوكرانيا إلى مرحلة جديدة أكثر خطورة من سابقتها، وهذا يعد تطورا خطيرا ستكون له الكثير من التداعيات على أرض المعركة وخصوصا وأن الغرب كذلك يدعم الحكومة الأوكرانية دعما “غير مشروط”.

الرئيس الأوكراني زيلنسكي في الأيام الأخيرة يتباهى بأنه قام باسترجاع أكثر من 6000 كلم من خاركيف معلنا بذلك النصر على القوات الروسية، إلا أن الحقيقة أن هذا النصر يمكن اعتباره بمثابة نصر إعلامي ليس إلا ليس له أي قيمة عسكرية كبيرة على أرض الواقع. هذا (النصر) الذي ينتشي به الرئيس زيلنسكي ساهم بشكل كبير في تنفيذ الاستفتاء الذي كانت تتجهز له روسيا في الأقاليم الأربعة من شرق أوكرانيا من أجل الانضمام للاتحاد الروسي وهم: دونيتسك، لوهانسك، خيرسون، زاباروجيا. بل يمكننا القول إن هذه العملية عجلت في تنفيذه وطبيعي أن نتائج هذا الاستفتاء ستكون إيجابية مسبقا لصالح الانضمام لروسيا. بعد هذا الاستفتاء الذي سيجريه سكان هذه الأقاليم الأربعة مباشرة ستصبح هذه الأراضي أراضي روسية خالصة ما يجعلها خاضعة لنظام الدفاع الروسي، أي بمعنى أخر هذه الأقاليم ستخضع للعقيدة الروسية في الدفاع باعتبارها أراضي روسية تستلزم الدفاع عنها حتى ولو أدى ذلك إلى استخدام السلاح النووي.

في تصريحات للقيادات الروسية وبشكل مباشر وجهوا تهديدات مباشرة للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا معتبرين أن هذه الدول في متناول أيديهم وبالتالي فهم قادرون على توجيه ضربات نووية بشكل مباشر في حال تم التعرض للسيادة الروسية. ولنقف قليلا عند الخطاب الأخير الذي وجهه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للشعب الروسي بخصوص استخدام الأسلحة النووية فقد قال بالحرف الواحد: “سنستخدم كل الوسائل المتاحة لحماية روسيا وشعبها، وأنا لا أقول هذا للمناورة أو الخداع”. فالوسائل المتاحة هنا يقصد بها كل الأسلحة التي تمتلكها روسيا في حوزتها وأكيد أن روسيا تمتلك أكبر ترسانة من الرؤوس النووية على مستوى العالم وبالتالي فلن تتردد قيد أنملة في اللجوء إليها إذا أحست أنها تتعرض لتهديد وجودي.

أمريكا هنا والاتحاد الأوربي يتحدثون من خلال الحرب الاقتصادية المفروضة على روسيا من ضرورة كسرها وجعلها دولة عاجزة من الناحية الاقتصادية والسياسية والعسكرية وهذا ما ترفضه روسيا جمله وتفصيلا وتعتبره إذلالا للأمة الروسية، إذ في أكثر من مرة قال الرئيس الروسي لا قيمة لهذا العالم إذا لم تكن روسية موجودة فيه. هذه الحرب التي تخوضها روسيا في أوكرانيا ضد الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف النيتو على أرض أوكرانية عنوانها البارز هو إما أن تنتصر روسيا وتطيح بالنظام العالمي الحالي وتصنع نظام متعدد الأقطاب وإما أن تنهزم روسيا فتتعرض للتقسيم والتفكيك كما حصل مع الاتحاد السوفياتي، وهذا الذي لن تقبل به روسيا أبدا. بمعنى أن المعركة هنا هي معركة كسر العظام من ينجح في تكسير عظام الأخر. ثعلب الدبلوماسية الأمريكية ووزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر سبق وأن عقب على الحرب بين روسيا وأوكرانيا مخاطبا الغرب: “أعطوا لروسيا ما تريد” داعيا أوكرانيا للقبول بأمر الواقع والتنازل عن بعض الأراضي لصالح روسيا طيا لهذا الملف.

دول حلف النيتو منذ بداية الأزمة وهم يغدقون بكرم شديد على أوكرانيا بالأسلحة المتنوعة الدفاعية منها أكثر من الهجومية حتى تستطيع هذه القوات التصدي لهجوم الجيش الروسي، لكن الآن يبدو أن الأمور تطورت بشكل كبير جدا بحيث أن قادة هذه الدول أصبحوا وبشكل مباشر يهددون بتزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى قادرة على ضرب المدن الروسية وهذا ما تعتبره روسيا خطا أحمر، وهو الذي يمكن أن يكون بداية الشرارة في تطور الأمور إلى حرب مفتوحة لأن بوتين سبق وهدد أن استهداف الأراضي الروسية سيتم اعتباره اشتباكا مباشرا وبالتالي حربا عالمية ثالثة. يبدو أن الأيام القادمة ستكون حبلى بالكثير من المفاجآت والتطورات الميدانية الخطيرة بين الأطراف المتصارعة على أرض أوكرانيا.!

كاتب صحفي وباحث (المغرب)

Print This Post