Syrian Arab Republic
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

حسن حمدان: أوروبا… ووهم الحمل

حسن حمدان

الخبر:- أجرى المستشار الألماني أولاف شولتز مكالمة هاتفية استمرت حوالي 90 دقيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأعلن شولتز بعد المكالمة أنه لم يلحظ أي تغيير في موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الحرب على أوكرانيا. وأضاف “للأسف لا أستطيع أن أقول لكم إن هناك رؤية ظهرت تفيد بأن بدء هذه الحرب كان خطأ”، مشيرا إلى أنه “لم يكن هناك ما يشير إلى حدوث مواقف جديدة هناك”.

التعليق:- بعد صفعة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لها، ودون مشاورة الحلفاء ومنهم أوروبا واتخاذ القرار بعيدا عنهم وسيطرة حركة “طالبان” على الحكم، تحرك المفوض الأعلى للسياسة والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ودعا، في 2 سبتمبر إلى اجتماع عُقد في سلوفينيا لوزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي، بشأن إنشاء قوة الرد السريع الأوروبية، وقال: “لقد أظهرت أفغانستان أن تأخرنا في الاستقلال الذاتي الاستراتيجي تترتب عليه تكلفة، وأن السبيل الوحيد للمضي قدماً هو توحيد قواتنا، وتعزيز ليس فقط قدراتنا، ولكن أيضاً إرادتنا في العمل”. وانتهى الاجتماع، دون الحصول على ضوء أخضر من الدول الأعضاء في اجتماع دفاعي و تشكيل قوة أوروبية قوامها 5000 فرد.

 وأول من طرح قضية تشكيل جيش أوروبي موحد، هما الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران، والمستشار الألماني الأسبق هلموت كول في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي وجاءت الحرب في يوغسلافيا لتعيد إحياء المشروع بقوة من قبل الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير ومما قيل ورد في البيان المشترك جاء فيه: “يجب أن يتمتع الاتحاد الأوروبي بالقدرة على القيام بأعمال مستقلة، بدعم من قوات عسكرية ذات مصداقية”. اذا أوروبا ممثلة في فرنسا وألمانيا وخاصة بعد خروج بريطانيا أردات تشكيل قوة دفاع أوروبي مشتركة في محاولة أوروبية للتقليل من الإعتماد على الولايات المتحدة على الصعيد العسكري، وقعت أكثر من 20 دولة من الإتحاد الأوروبي بينها ألمانيا وفرنسا يوم 13 نوفمبر 2017 على ميثاق للدفاع ودمج التخطيط العسكري وتطوير الأسلحة والعمليات العسكرية بهدف خلق عهد جديد من التكامل العسكري على الصعيد الأوروبي لتدعيم وحدة الإتحاد وجعله أكثر تماسكا في التعامل مع الأزمات الدولية، في أعقاب قرار بريطانيا الخروج منه. وقالت المستشارة الألمانية السابقة، ميركل في هذا الإطار:”أن البريكست ليس حدثاً عادياً، إنه يشكل منعطفاً في تاريح الاتحاد الاوروبي لذلك يتوجب علينا إعداد رد حذر”.

ما تريده دول أوروبا، هو أن يكون لها دور في النزاعات الإقليمية والدولية، بعد أن أدركت جيداً، أن دورها ضعيف، وأن دورها السياسي، لا يمكن أن يكون قوياً بدون وجود قوة عسكرية وأمنية داعمة إلى القرار الأوروبي ، لذا صعد الرئيس الفرنسي تصريحاته النارية ضد اليهمنة الامريكية والناتو من موت الناتو سريرياً ومحاولة الاستقلال الذاتي وبناء قوة أوروبية مشتركة وهنا يصبح القول أن التوجهات الأوروبية، بمثابة “خطر”حقيقي على القيادة الأمريكية وأوروبا لو توحدت تملك مقومات الدخول بالمعترك الدولي وتغيير الموقف الدولي وأدركت الولايات المتحدة طموحات أروربا بين صوت يعلو مصرحاً لذلك وهي فرنسا وبين صوت خافت يختار ألفاظه بعناية وحذر مع الاقرار بأن التغيير يحتاج وقتاً طويلاً.

وهنا هدد ترامب أوروبا بالانسحاب من الناتو ليكشف ظهر أوروبا لروسيا بعد سلسلة من فك القيود ضد روسيا في المعاهدات الثنائية المشتركة مع أمريكا؛ ليجعل منها بعبعاً قوياً وجرس انذار لأوروبا الخائفة والمترددة نتيجة عدم وحدة القرار السياسي وارتهان القرار لبعضهم بيد واشنطن، وأدركت أمريكا أن بقاءها دولة أولى معرض للخطر نتيجة صعود قوى أخرى من بينها أوروبا فوضعت استراتيجية لضرب الجميع، فكانت طعم أوكرانيا لروسيا، والتي استطاعت من خلالها بضرب واستزاف روسيا وإخافة الصين، وضرب طموحات أوروبا وهذا الأمر أدركته أوروبا وروسي،  ولكن الولايات المتحدة وضعت أوروبا أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما تقوية الناتو والبقاء تحت سيطرة امريكا أو الدب الروسي المتهور، والذي ظهر للجميع أن وعيه السياسي ضحل.

وأخيراً : هل كان تصريح المستشار الألماني بعد وابل من الأزمات والضربات بأن حرب أوكرانيا المقصود منها إضعاف ألمانيا وتقوية أمريكا ؟ وهل بعد الوعي من الادراك من خطوات عملية في تعجيل وتسريع بناء قوة أوروبية مشتركة ؟ أم فاتها القطار بعد إحكام امريكا عليها وضم دول جديدة، واستخدام غباء الروس في تحقيق الاستراتيجية الأمريكية لتقف أوروبا على حقيقة مؤلمة؟ إن انتفاخ البطن كان حملاً كاذباً و وهماً لا حقيقة له لتعيش مرارة الواقع الحاضر بعد فقدان أوروبا للعقلية السياسية والإرادة.

Print This Post